فيزياء الرنين المغناطيسى الجزء الاول
التصوير بالرنين المغناطيسي Magnetic Resonance Imaging ويختصر بالرمز MRI هو أحدى تقنيات التصوير الطبي التي لا تستخدم الأشعة السينية أو أي نوع آخر من الأشعة الضارة. يتم ذلك عن طريق إستغلال الخواص المغناطيسية الموجودة أصلاً في جسم الإنسان بشكل طبيعي. في العقدين أو الثلاثة الماضية تزايد عدد أجهزة الرنين المغناطيسي بشكل هائل. من وجهة نظري أن هذا الجهاز هو أفضل وآمن طريقة لرؤية مابداخل الجسم البشري بدون تقطيعه.
شخصياُ أنا محب لجهاز الرنين المغناطيس وقدرته العجيبة على التصوير بدقة عالية جداً وبشكل آمن دون استخدام أي نوع من الإشعاع المؤين. الإعجاب بالرنين المغناطيسي لايتوقف عند حد ولا ينطفئ. وبمرور الوقت ازداد إعجاباً وفضولاً مع التطبيقات الامتناهية للرنين المغناطيسي خاصة في مجالات تصوير الدماغ. الرنين المغناطيسي هو مثال حي على القدرة الهائلة للعقل البشري في إدراك الظواهر الطبيعية وتطويعها والتحكم بها وتقويتها وتحسينها والإضافة عليها للوصول إلى نتائج يتم الإستفادة منها بأقصى حد في تحسين حياة البشر. (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ).
يتم استخدام تقنية التصوير بالرنين المغناطيسي لتصوير أمراض متنوعة تشمل علل وأورام الدماغ والجلطات والسرطانات وأمراض القلب والجهاز الهضمي بالإضافة إلى الأربطة والأوتار والمفاصل. يمكننا الحصول على صور دقيقة وتفصيلية ثنائية أو ثلاثية الأبعاد. يتميز الرنين المغناطيسي بتصوير الأنسجة الرخوة بوضوح عالي. هو جهاز آمن ومناسب للكبار والصغار. تم إختراع جهاز الرنين المناطيسي نتيجة لتراكم المعرفة في فهم الخواص الفيزيائية والكيميائية والهندسية بدءاً من عام 1950 تقريباُ. لكن دخوله بشكل واضح وقوي كجهاز يستخدم في تصوير الإنسان بدءاُ من عام 1977 وكان حدث مذهل في عالم الطب الحديث وشكل بعد ذلك ثورة في تقنيات التصوير الطبي. الحديث عن تاريخ وتطور هذا الجهاز خارج عن نطاق هذا الموضوع الذي اكتبه الآن وذلك للتركيز على الموضوع الأساسي وتوصيل الفكرة الأساسية بشكل واضح دون تشعب.
يمكنني القول بأننا نحتاج للتصوير بهذه التقنية شيئين رئيسيين بشكل مبدئي. الأول هو الحصول على مغناطيس قوي جداً. وهذا هو المكون الرئيسي في جهاز الرنين المغناطيسي. بالإضافة إلى جهاز آخر يرسل موجات راديو ويستقبل الإشارة القادمة من المريض. وسيتم مناقشة هذه الأجزاء في هذا الموضوع تدريجياً بإن الله.
القاعدة الأولى: للتصوير بالرنين المغناطيسي نحتاج إلى 1) مجال مغناطيسي قوي strong magnetic field و2) موجات راديو radio frequency.
عن فيزياء الرنين المغناطيسي
فيزياء الرنين المغناطيسى الجزء الاول |
كثيراً ما نسمع عن صعوبة وتعقيد فيزياء الرنين المغناطيسي مما يُشكل حاجز وهمي عن الفهم بإعتقاد الصعوبة وعدم القدرة على الفهم. كل ماهنالك أن هذا النوع من الفيزياء هو غريب لم نعتد عليه و لا يشبه الفيزياء التي اعتدنا عليها حيث يوجد تعريف لمفهوم معين ومن ثم يتم مناقشة الخواص الفيزيائية والكيميائية بعد ذلك نجد القانون الذي نعوض فيه وانتهينا. فلا داعي لخلق عقبات غير موجودة. خاصة أن ماعلينا معرفته هو الأساسيات وليس المواضيع البحثية المعقدة المتقدمة. أعتقد بأهمية هذه النظرة الإيجابية للتعامل مع هذه الفيزياء. في هذا الموضوع سأشرح رؤوس الأقلام والأساسيات، وأتمنى أن أوفق في ذلك ، فالكتابة في الرنين المغناطيسي بالعربي تحدي بحد ذاته. بعد ذلك يُفضل القراءة في الكتب المتخصصة وسأقترح بعضها في النهاية.
المغناطيسية في جسم الإنسان
ذكرت سابقاً أن تقنية الرنين المغناطيسي تستغل الخواص المغناطيسية الموجودة أصلاً في جسم الإنسان. لكن ماهي وأين توجد الخواص المغناطيسية داخل الجسم البشري؟! الجواب هو في البروتونات الموجبة الشحنة. يمكن تعزيز وتقوية هذه الخواص أكثر داخل جهاز الرنين المغناطيسي. تتواجد البروتونات في أنوية atoms العناصر الموجودة في جسم الإنسان مثل ذرات الهيدروجين والكربون والأكسجين. …إلخ.
بما أن جسم الإنسان يتكون من 70 بالمائة من الماء فأننا نختار بروتونات ذرة الهيدروجين في التصوير بالرنين المغناطيسي. تعتمد إشارة الرنين المغناطيسي المستخدمة في المجال الطبي على كمية الهيدروجين. وهي موجودة بكثرة في أغلب أنسجة ومكونات الجسم.
معلومة إضافية: من الممكن إستخدام بروتونات ذرات أخرى كالكربون والصوديوم وهي متواجدة في جسم الإنسان. لكن الهيدروجين يتواجد في جسم الإنسان بعدد أكبر بكثير ولذلك يستخدم في الرنين المغناطيسي. علماً أن جزي الماء الواحد H2O يتكون من ذرتين هيدروجين بالإضافة إلى ذرة أكسجين.
القاعدة الثانية: يتم أخذ إشارة الرنين المغناطيسي من البروتونات المتواجدة في الهيدروجين. علماً أن ذرة الهيدروجين تتكون من بروتون واحد فقط.
البروتونات كمغناطيسات في جسم الإنسان
السؤال الذي يجب أن يتبادر إلى الذهن الآن هو كيف يكون للبروتونات (المتواجدة في جسم الإنسان بكثرة) خواص مغناطيسية؟
توجد خاصيتان يمتكلهما البروتون تجعله يتصرف وكأنه مغناطيس:
- البروتون له شحنة موجبة
- البروتون يتحرك حركة مغزلية تسمى spin
نحن نعرف أنه عند وجود شحنة متحركة (الكهرباء مثالاُ) يتولد مجال مغناطيسي. هذا مايحدث للبروتون الموجب الشحنة عندما يتحرك بشكل مغزلي. فإنه يُكون مجال مغناطيسي magnetic field ويسمى أيضاً بالعزم المغناطيسي magnetic moment. بهذا يكون البروتون الواحد وكأنه مغناطيس له قطبين شمالي وجنوبي.
طالما سيتم التعامل مع البروتون كمغناطيس سيتم رسمه من الآن على الشكل التالي بحيث يشير السهم إلى إتجاه مجاله المغناطيسي
القاعدة الثالثة: الكهرباء والمغناطيس هما وجهان لعملة واحدة بحسب قوانين الكهرومغناطيسية Electromagnetism. يستطيع التيار الكهربائي أن يخلق مجال مغناطيسي. والعكس صحيح فالمجال المغناطيسي المتغير يستطيع أن يخلق تيار كهربائي في ظاهرة فيزيائية تسمى بالحث الكهرومغناطيسي Electro-magnetic Induction.
القاعدة الرابعة: الحركة المغزلية تجعل من البروتون وكأنه مغناطيس له قطبين أحدهما شمالي والآخر جنوبي بالإضافة إلى مجال مغناطيسي
هل الإنسان مغناطيس يمشي على أرجل؟
المجال المغناطيسي للبروتون محدود وصغير جداُ وهذا ما لا يجعل البشر مغناطيسات رغم وجود الظاهرة المغناطيسية. لكن جسم الإنسان يحتوي على العديد من بروتونات الهيدروجين خاصة وأن جسم الإنسان عبارة عن 70% ماء! لكن مع ذلك لا يوجد لها أي تأثير يذكر ويعود السبب إلى أنها مبعثرة الإتجاهات في جسم الإنسان ويلغي بعضها بعضاً. يمكننا وصف هذا بطريقة علمية بقولنا أنه مجموع العزم المغناطيسي الكلي للبروتونات تساوي صفر.
net magnetic moment = zero
القاعدة الخامسة: على الرغم من وجود مجال مغناطيسي للبروتونات داخل جسم الإنسان إلان أن مجموع محصلتها المغناطيسية يساوي صفر. وذلك لأنها اتجاه مجالاتها المغناطيسية تكون مبعثرة وتلغي تأثير بعضها بعضاً.
المجال المغناطيسي الخارجي B0 (للإستفادة من البروتونات)
الآن عرفنا أن البروتونات في جسم الإنسان هي عبارة عن مغناطيسات لكن ليس لها أي تأثير كلي ولا نستطيع أخذ منها أي إشارة للتصوير. لكن ماذا يحدث لهذه البروتونات المبعثرة عند وضعها داخل مجال مغناطيسي خارجي نسميه B0؟
يحدث شيئان بشكل رئيسي:
- البروتونات سوف توحد إتجاهات مجالاتها المغناطيسية إما مع إتجاه المجال المغناطيسي الخارجي أو عكسه.
- يتحرك المجال المغناطيسي للبروتون حركة دائرية تسمى precession (سيتم شرحها في نقطة مستقلة)
المجالات المغناطيسية المتعاكسة تلغي بعضها ولذلك سنتجاهلها بشكل كلي. يتبقى كمية قليلة من البروتونات (طبعاً عددها بالملايين وهي قليلة عند مقارنتها بالمجموع الكلي) تكون مجالاتها المغناطيسية في إتجاه المجال المغناطيسي الخارجي وبهذا أصبح لدينا محصلة مغناطيسية قويةnet magnetic vector يمكن إستغلالها في أخذ إشارة الرنين المغناطيسي. وسنتعرف لاحقا على كيف نأخذ الإشارة من هذه المحصلة (متجه مغناطيسي ) المغناطيسية. الآن فقط تحولت بروتونات الهيدروجين في جسم الإنسان إلى قوة مغناطيسية عندما تم وضعها داخل المجال المغناطيسي الخارجي. في الرنين المغناطيسي علينا دائما تصور تأثير البروتونات كحزمة وليست منفردة. البروتون الواحد لايعطي إشارة ذات قيمة لأن مجاله المغناطيسي محدود وصغير. لذلك في الرنين المغناطيسي نتعامل فقط مع المحصلة المغناطيسية وهي مجموع قوة جميع المجالات المغناطيسي للبروتونات .
المجال المغناطيسي الخارجي = المجال المغناطيسي الرئيسي = مغناطيس جهاز الرنين
المجال المغناطيسي الخارجي B0 هو نفسه مجال المغناطيس الموجود داخل جهاز الرنين المغناطيسي ويسمى أيضاً بالمجال المغناطيسي الرئيسي. إتجاهات المجالات المغناطيسية في جسم الإنسان تكون مبعثرة لكن عند وضعها داخل جهاز الرنين المغناطيسي تغير إتجاهاتها بحيث يصبح لها محصلة مغناطيسية في إتجاه المجال المغناطيسي الخارجي. كل مايجب أن نعرفه الآن هو أن المجال المغناطيسي الخارجي B0 يكون في إتجاه Z.
القاعدة السادسة: عندما يتم وضع البروتونات (جسم الإنسان) داخل مجال مغناطيسي قوي يسمى بالمجال المغناطيسي الخارجي أو الرئيسي B0(جهاز الرنين المغناطيسي) أغلبها تنتظم في نفس إتجاه المجال المغناطيسي. المتبقي ينتظم عكس إتجاه المجال المغناطيسي. البروتونات التي عكس المجال المغناطيسي تلغي عدد مساوي من البروتونات التي بإتجاه المجال المغناطيسي. وبما أن عدد الأخيرة أكثر، تكون النتيجة النهائية هي أن محصلة إتجاه المجالات المغناطيسية الكلية للبروتونات تكون مع إتجاه المجال المغناطيسي الرئيسي.
إختبر فهمك-أكمل الفراغ: عند وضع جسم الإنسان تحت مجال مغناطيسي خارجي تنتظم ………..البروتونات في إتجاة المجال المغناطيسي
أغلب
قلة من
نظام الإحداثيات الطريقة العلمية وإختلاف المصطلحات
من الآن سنبدأ بإستخدام نظام الإحداثيات coordinate system لوصف إتجاه المحصلة الكلية المغناطيسية للبروتونات داخل جهاز الرنين المغناطيسي وماذا يحدث لها من تغيير وذلك لتسهيل الشرح والوصف ومن ثم الفهم. نظام الإحداثيات هو عبارة عن ثلاث إتجاهات Z – X -Y. إلى الآن عرفنا أن الإتجاه Z هو نفس إتجاه المجال المغناطيسي الخارجي B0.
المحصلة المغناطيسية (تكون باللون الأزرق في الصورة التي بالأسفل) فسنسميها من الآن بـ M0 أو بالـ المغنطة الطولية Longitudinal Magnetization.
القاعدة السابعة: عند وضع البروتونات في مجال مغناطيسي خارجي يصبح لدينا متجه يمثل المحصلة المغناطيسية لجميع البروتونات التي تكون مع إتجاه المجال المغناطيسي الخارجي. يسمى هذا المتجه بـ المغنطة الطولية Longitudinal Magnetization.
حركة لارمور الدورانية Larmor Precession
الصورتين في الأعلى توضح الحركة المغزلية فقط. لكن يوجد للبروتون حركة أخرى وهي حركة لارمور الدورانية!
هنا نريد أن نتعلم شئ إضافي عن حركة البروتون. فـ بالإضافة للحركة المغزلية حول المحور spinning تتحرك البروتونات عند وضعها في مجال مغناطيسي بحركة دائرية حول خطول المجال المغناطيسي تسمى بـ حركة لارمور الدورانية larmor precessional movement.
يتبقى أن أقول أن سرعة حركة لارمور الدورانية للبروتون تتغير بإختلاف قوة المجال المغناطيسي. نقيس قوة المجال المغناطيسي بوحدة التسلا Tesla. أما التردد فوحدته هي الهيرتز أو الميجا هيرتز mHz. الحركة الدورانية يزيد ترددها بزيادة قوة المجال المغناطيسي(علاقة طردية). نسمى هذا التردد بـ تردد لارمور. ويمكن حساب تردد هذه الحركة عند مجال مغناطيسي معين بواسطة قانون لارمور Larmor’s Equation:
بحيث f تكون تردد حركة لارمور الدورانية و B0 هي قوة المجال المغناطيسي الخارجي (الرئيسي). أما γ هي معدل المغناطيسية الدورانية للبروتون. كل ذرة بروتون لها معدل مغناطيسية دورانية ثابت كما في الجدول في الأسفل. في الرنين المغناطيسي يهمنا فقط بروتونات ذرة الهيدروجين.
القاعدة الثامنة: البروتونات عند وضعها في المجال المغناطيسي الرئيسي تكتسب حركة دورانية تسمى precession حول خطوط المجال المغناطيسي. هذه الحركة لها تردد محدد يختلف بإختلاف قوة المجال المغناطيسي. العلاقة طردية فلكما زادت شدة المجال المغناطيسي زادت تردد حركة لارمور الدورانية.
كيف يتم أخذ إشارة الرنين المغناطيسي =^_^=
- الإتزان
- الإستثارة
- الإسترخاء
حالة الإتزان Equilibrium State
الآن عرفنا أنه عند وضع البروتونات في مجال مغناطيسي رئيسي (خارجي) سيكون مجموع محصلتها المغناطيسية موازي للمجال الرئيسي وسميناه بالمغنطة الطولية. أيضاً هي تدور حول خطوط مجالها المغناطيسي بتردد معين يعتمد على قوة المجال المغناطيسي الخارجي. هذه هي حالة الإتزان.
حالة الإتزان لايمكن أخذ منها أي إشارة لأن الإشارة المغناطيسية التي نريدها تكون مغمورة في إتجاه المجال الرئيسي. ولكي نسجل الإشارة لابد إستثارتها بحيث تبتعد عن إتجاه المجال الرئيسي.
القاعدة التاسعة: عندما تكون المغنطة الطولية في إتجاه المجال المغناطيسي الخارجي نسمي هذه الحالة بحالة الإتزان. لايمكن أخذ أي إشارة من هذه الحالة ولابد من إستثارة البروتونات لكي تكون في إتجاه مغاير للمجال المغناطيسي الرئيسي للحصول على إشارة.
حالة الإستثارة Excitation State
يمكن إستثارة excitation البروتونات بواسطة موجات راديو RF. موجات الراديو وهي عبارة عن طاقة يتم إعطائها لهذه البروتونات بحيث تكون قادرة على تغيير إتجاه محصلتها المغناطيسية من المغنطة الطولية إلى المغنطة العرضية Transverse Magnetization.
موجات الراديو يتم إرسالها بتردد محدد بحيث تستثير البروتونات التي تمتلك نفس التردد فقط في ظاهرة تسمى بالرنين Resonance. البروتونات التي ليس لها نفس تردد موجات الراديو لا يحدث لها أي إستثارة. بهذا يمكننا إستثارة البروتونات المرغوبة وذلك بمعرفة ترددها.
القاعدة العاشرة: يتم إستثارة البروتونات المرغوبة بإرسال تردد موجات راديو RF مساوي لتردد حركة لارمور الدورانية للبروتونات precessional frequency. تكتسب البروتونات الطاقة وتكون قادرة على تغيير إتجاه مجالاتها المغناطيسية بعيداً عن المجال المغناطيسي الرئيسي. في حالة الإستثارة تختفي المغنطة الطولية وتزيد المغنطة العرضية.
يمكن حساب تردد البروتونات بواسطة قانون لارمور ومن ثم إرسال موجات راديو مساوية لهذا التردد لكي يتم إستثارتها.
الإسترخاء Relaxation
في هذه المرحلة نحصل على إشارة الرنين المغناطيسي. يتم الإسترخاء بعد إيقاف موجات الراديو وذلك بعودة البروتونات إلى حالة الإتزان. هنا يتم خسارة المغنطة العرضية ويتم إرتفاع المغنطة الطولية. يتم خسارة المغنطة العرضية بسبب خسارة البروتونات للطاقة التي أكتسبتها من موجات الراديو فتعود لحالتها الطبيعية. هذه الخسارة في الطاقة هي إشارة الرنين المغناطيسي وتسمى بـ Free Induction Decay.
لتوضيح كيف تحدث هذه الإشارة أنظر للصورة المتحركة في الأسفل:
عند المغنطة العرضية Transverse Magnetization تكون الإشارة في أعلى مستوياتها وتنتهي تماماً عندما تعود البروتونات إلى حالة الإتزان الكامل Longitudinal Magnetization المغنطة الطولية.
القاعدة الحادية عشرة: بعد إيقاف موجات الراديو RF تخسر البروتونات الطاقة التي أكتسبتها من هذه الموجات وتعود لوضعها الطبيعي لحالة الإتزان. إشارة الرنين المغناطيسي هي هذه الخسارة في الطاقة.
الرنين Resonance (التوافق)
سبق وأن تحدث عن ظاهرة الرنين ولكن سأجعل لها موضوع مستقل لترسيخ المعلومة لأهميتها وإعادة قول الكلام بطريقة مختلفة. الرنين هو تبادل الطاقة بين موجات الراديو RF والبروتونات عندما يكون لهم تردد متشابه. إذا أختلف التردد لا يتم تبادل الطاقة. سبق وأن قلت أنه لإثارة البروتونات المتواجدة داخل جسم المريض نرسل لها موجات راديو RF. تحدث الإستثارة فقط للبروتونات التي لديها تردد يساوي تردد موجات الراديو. وهذا يعطينا أفضلية في إختيار أي البروتونات التي نريد إستثارتها. سنتعرف على أهمية هذه النقطة لاحقاً.
فإذا أردنا إستثارة بروتونات معينة فعلينا أن نحسب ترددها بواسطة قانون لارمور ومن ثم نرسل لها موجات راديو مساوية لهذا التردد. تحدث الإستثارة فقط لهذه البروتونات المتوافقة. أي بروتونات أخرى لن تتأثر بموجات الراديو. طبعاً جهاز الرنين المغناطيسي هو من يقوم بهذه الحسابات وليس تقني الرنين المغناطيسي
موجات الراديو هي عبارة عن طاقة مرسلة نحو البروتونات. البروتونات التي لديها نفس تردد هذه الموجات سوف تكتسب الطاقة وتكون قادرة على توجيه طاقتها في إتجاه مخالف للمجال المغناطيسي الرئيسي. وسوف تتحرك المحصلة المغناطيسية للبروتونات من المغنطة الطولية إلى المغنطة العرضية.
بعد إيقاف موجات الراديو سوف تخسر البروتونات الطاقة التي أكتسبتها وتعود لوضعها الطبيعي من حالة الإستثارة إلى حالة الإتزان. إشارة الرنين المغناطيسي هي هذه الطاقة التي خسرتها البروتونات وهي تعود لوضعها الطبيعي.
تطبيق ماتعلمناه على جهاز الرنين المغناطيسي
كما قلت في القاعدة الأولى أنه لأخذ صورة رنين مغناطيسي نحتاج مبدئياً لمغناطيس قوي وموجات راديو RF. جهاز الرنين المغناطيسي هو المغناطيس وسميناه المجال المغناطيسي الخارجي (الرئيسي) وظيفته هو خلق محصلة مغناطيسية للبروتونات المبعثرة بحيث تكون محصلاتها في إتجاه المجال المغناطيسي الخارجي. بذلك نجعل من المريض مغناطيس.
الشئ الثاني هو موجات الراديو RF ووظيفتها هي كسر حالة الإتزان وذلك بإثارة البروتونان وإكسابها بعض الطاقة. بعد إيقاف هذه الموجات تخسر البروتونات الطاقة المكتسبة وتعود لوضعها الطبيعي في حالة الإتزان. كمية الخسارة في الطاقة هي إشارة الرنين المغناطيسي.
يتم إرسال موجات الراديو RF وإستقبال الإشارة بواسطة ما يسمى بـ ملفات تردد الراديو RF Coils. وهي توضع على المريض مباشرة ولها أشكال وأنواع مختلفة ..
أنواع أجهزة الرنين المغناطيسي
- جهاز الرنين المغناطيسي المغلق
الرنين المغناطيسي المغلق Closed MRI
يكون الجهاز مغلق حول المريض ماعدا من فتحتين. قد يسبب الخوف وعدم الإرتياح لدى بعض المرضى خاصة لمن يعاني من رهبة الأماكن المغلقة claustrophobia. هذا الجهاز هو الشائع ويعطي مجال مغناطيسي خارجي بشكل قوي مما يجعله مناسب لأغلب المستشفيات وهو يعطي صور أفضل من جميع الأنواع الأخرى.
- جهاز الرنين المغناطيسي المفتوح
قد يكون هذا الجهاز مناسب لمن يعانون من هلع الأماكن الضيقة والأطفال لكنه يعطي مجال مغناطيسي أقل من النوع الآول وقد يستغرق الفحص وقت أطول. أيضاً جودة الصورة تكون أقل من النوع الأول ولكنها مقبولة جداً ويمكن التشخيص بواسطتها. يتم إقتناء هذا الجهاز بحسب الحاجة من قبل المستشفيات . فبعض المراكز الكبيرة قد يكون لديها هذا الجهاز بالإضافة إلى الجهاز الرئيسي المغلق . هذا الجهاز أيضاً مناسب في حالة الأشعة التداخلية interventional radiology.
- جهاز الرنين المغناطيسي للأطراف
جهاز الرنين المغناطيسي للأطراف Extremity MRI
أقل شيوعاً وقد يوجد في المراكز المتخصصة أو في بعض المستشفيات لتخفيف الضغط على الجهاز الرئيسي. هذا النوع لديه مجال مغناطيسي قليل لكنه كافي لتصوير الأطراف العلوية والسفلية.
- جهاز الرنين المغناطيسي الديناميكي (المتحرك)
جهاز الرنين المغناطيسي المتحرك Dynamic MRI
تأتي فائدة هذا النوع من الأجهزة في تصوير المريض في وضعيات مختلفة على سبيل المثال واقفاً أو جالساُ … إلخ وذلك لإختلاف ظهور بعض الأمراض في هذه الوضعيات وتبرز الأهمية بشكل أكبر عند تصوير الفقرات عند تقييم الضغط عليها في حالة الوقوف.
أنواع المغناطيسات داخل جهاز الرنين المغناطيسي
- المغناطيس الدائم Permanent Magnet
هذا النوع من المغناطيسات يعتبر مغناطيس دائم ولكنه ثقيل ولايعطي مجال مغناطيسي قوي. وتصل قوة المجال المغناطيسي لهذا النوع إلى 0.3 تسلا. إستهلاكه للكهرباء قليل. ثقل هذا المغناطيسي الكبير وضعف مجاله المغناطيسي يجعل منه خيار غير عملي في أجهزة الرنين.
- المغناطيس المقاوم Resistive Magnet
هو مغناطيس يتم توليد مجاله المغناطيس بواسطة الكهرباء (كهرومغناطيسية) وله مجال مغناطيسي قليل مشابه للنوع الأول ولكن يستهلك كمية أكبر من الكهرباء وذلك لتوليد المجال المغناطيسي. ضعف المجال المغناطيسي وكثرة إستهلاكه للطاقة تجعل منه خيار غير عملي.
- المغناطيس فائق التوصيل Superconductive Magnet
هذا هو النوع الشائع في أجهزة الرنين المغناطيسي وهو الأفضل. يعطي مجال مغناطيسي يصل إلى 4 تسلا وأكثر من ذلك في المجالات البحثية. أما في المستشفيات فالأكثر إستخداماً هو 1.5 تسلا و3 تسلا. يتم توليد المجال المغناطيسي بواسطة الكهرباء بشكل مشابه للنوع الثاني ولكن هنا يوجد الهيليوم للتبريد مما يجعل المقاومة تصل حتى صفر. هي خيار مثالي لأنه يعطي مجال مغناطيسي بقوات عالية بالإضافة إلى إستهلاكه كمية ليست كبيرة من الكهرباء لتوليد المجال المغناطيسي لعدم وجود المقاومة.
ليست هناك تعليقات
شاركنا الرأى